كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال ابن عربي‏:‏ حكمة كونهما خطبتين أنه يذكر في الأولى ما يليق باللّه من الثناء والتحريض على الأمور المقربة من اللّه بالدلائل من كتاب اللّه والثانية بما يستطيع من الدعاء والالتجاء من الذلة والافتقار والسؤال والتضرع في التوفيق والهداية لما ذكره وأمر به في الخطبة وقيامه حال خطبته أما في الأولى فبحكم النيابة عن الحق بما أنذر به وأوعد ووعد فهو قيام حق بدعوة صدق وأما في الثانية فهو قيام عبد بين يدي كريم يسأل منه الإعانة بما في الخطبة الأولى من الوصايا وأما القعدة بين الخطبتين ليفصل بين المقام الذي يقتضيه النيابة من الحق تعالى فيما وعظ به عباده على لسان الخطبتين وبين المقام الذي يقتضيه مقام السؤال والرغبة في الهداية إلى الصراط المستقيم‏.‏

- ‏(‏حم م د ن ه عن جابر بن سمرة‏)‏‏.‏

7016 - ‏(‏كان يخطب بقاف‏)‏ أي بسورتها ‏(‏كل جمعة‏)‏ لاشتمالها على البعث والموت والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة وقوله كل جمعة قد يحمل على الجمع التي حضرها الراوي فلا ينافي أن غيره سمعه يخطب بغيرها‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن‏)‏ أم هشام ‏(‏بنت الحارث بن النعمان‏)‏ الأنصارية صحابية مشهورة وهي أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها ظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد الشيخين وهو ذهول فقد خرجه الإمام مسلم في الصلاة عن بنت الحارث هذه ورواه أيضاً الترمذي وابن ماجه‏.‏

7017 - ‏(‏كان يخطب النساء ويقول‏)‏ لمن خطبها ‏(‏لك كذا وكذا‏)‏ من مهر ونفقة ومؤونة ‏(‏وجفنة سعد‏)‏ بن عبادة ‏(‏تدور ‏[‏ص 212‏]‏ معي إليك كلما درت‏)‏ وقد مر شرح قصة جفنة سعد‏.‏

- ‏(‏طب عن سهل بن سعد‏)‏ الساعدي رمز المصنف لحسنه‏.‏

7018 - ‏(‏كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم‏)‏ من الاشتغال بمهنة الأهل والنفس إرشاداً للتواضع وترك التكبر لأنه مشرف بالوحي والنبوة ومكرم بالمعجزات والرسالة وفيه أن الإمام الأعظم يتولى أموره بنفسه وأنه من دأب الصالحين‏.‏

- ‏(‏حم عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد قال الزين العراقي‏:‏ رجاله رجال الصحيح ورواه أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ بلفظ ويرقع الثوب والبخاري من حديث عائشة كان يكون في مهنة أهله‏.‏

7019 - ‏(‏كان يدخل الحمام ويتنور‏)‏ أي كان يطلي عانته وما قرب منها بالنورة قال ابن القيم‏:‏ لم يصح في الحمام حديث ولم يدخل حماماً قط ولعله ما رآه بعينه‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن واثلة‏)‏ بن الأسقع بسند ضعيف جداً بل واه بالمرة‏.‏

7020 - ‏(‏كان يدركه الفجر وهو‏)‏ أي والحالة أنه ‏(‏جنب من‏)‏ جماع ‏(‏أهله‏)‏ زاد في رواية في رمضان من غير حلم ‏(‏ثم يغتسل ويصوم‏)‏ بياناً لصحة صوم الجنب وإلا فالأفضل الغسل قبل الفجر وأردت بالتقييد بالجماع من غير احتلام المبالغة في الرد على من زعم أن فاعل ذلك عمداً مفطر وأما خبر أبي هريرة من أصبح جنباً فلا يصم فهو منسوخ أو مردود وما كان من خلاف فقد مضى وانقضى وقام الإجماع على الصحة كما بينه النووي وغيره‏.‏

- ‏(‏مالك‏)‏ في الموطأ ‏(‏ق 4‏)‏ كلهم في الصوم ‏(‏عن عائشة وأم سلمة‏)‏‏.‏

7021 - ‏(‏كان يدعى إلى خبز الشعير والإهالة‏)‏ بكسر الهمزة دهن اللحم أو كل دهن يؤتدم به أو يختص بدهن الشحم والألية أو هو الدسم ‏(‏السنخة‏)‏ بسين مهملة مفتوحة فنون مكسورة فخاء معجمة وبزاي بدل السين أي المتغيرة الريح قال الزمخشري‏:‏ سنخ وزنخ إذا تغير وفسد والأصل السين والزاي بدل اهـ‏.‏ وخفي على بعض الأعاظم حيث زعم أنه بالسين فقط وأن العامة تقول زنخة وظاهره أن الدعوة إلى مجموع ذلك وهو لو دعي إلى خبز الشعير وحده لأجاب، وفيه حلّ أكل اللحم والدهن ولو أنتن حيث لا ضرر، قضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته ‏"‏فيجيب‏"‏ هكذا هو ثابت عند مخرجه الترمذي في الشمائل‏.‏

- ‏(‏ت في‏)‏ كتاب ‏(‏الشمائل‏)‏ النبوية ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

7022 - ‏(‏كان يدعو عند الكرب‏)‏ أي عند حلوله يقول ‏(‏لا إله إلا اللّه العظيم‏)‏ الذي لا شيء يعظم عليه ‏(‏الحليم‏)‏ الذي يؤخر العقوبة مع القدرة ‏(‏لا إله إلا اللّه رب العرش العظيم‏)‏ وفي رواية بدل العظيم والكريم المعطي تفضلاً روي برفع العظيم والكريم على أنهما نعتان للرب والثابت في رواية الجمهور الجر نعت للعرش قال الطيبي‏:‏ صدر الثناء بذكر الرب ليناسب كشف الكرب لأنه مقتضى التربية ‏(‏لا إله إلا اللّه رب السماوات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم‏)‏ قالوا هذا دعاء جليل ينبغي الاعتناء به والإكثار منه عند العظائم فيه التهليل المشتمل على التوحيد وهو أصل التنزيهات الجلاليه والعظمة الدالة على تمام القدرة والحلم الدال على العلم إذ الجاهل لا يتصور منه حلم ولا كرم ‏[‏ص 213‏]‏ وهما أصل الأوصاف الإكرامية قال الإمام ابن جرير‏:‏ كان السلف يدعون به ويسمونه دعاء الكرب وهو وإن كان ذكراً لكنه بمنزلة الدعاء لخبر من شغله ذكري عن مسئلتي اهـ‏.‏ وأشار به إلى رد ما قيل هذا ذكر لا دعاء ولما كان في جواب البعض بأن المراد أنه يفتتح دعاءه به ثم يدعو بما شاء تسليماً للسؤال عدل عنه إلى ما ذكره‏.‏

- ‏(‏حم ق ت ه‏)‏ كلهم في الدعوات ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ عبد اللّه ‏(‏طب‏)‏ عنه أيضاً ‏(‏وزاد‏)‏ في آخره ‏(‏اصرف عني شرّ فلان‏)‏ ويعينه باسمه فإن له أثراً بيناً في دفع شرّه‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ عن أبي بكر الرازي كنت بأصبهان عند أبي نعيم وهناك شيخ يسمى أبا بكر عليه مدار الفتيا فسعى به عند السلطان فسجن فرأيت المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم في المنام وجبريل عن يمينه يحرك شفتيه بالتسبيح لا يفتر فقال لي المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم قل لأبي بكر يدعو بدعاء الكرب الذي في صحيح البخاري حتى يفرج اللّه عنه فأصبحت فأخبرته فدعا به فلم يكن إلا قليلاً حتى أخرج‏.‏

7023 - ‏(‏كان يدور على نسائه‏)‏ كناية عن جماعه إياهن ‏(‏في الساعة الواحدة من الليل والنهار‏)‏ ظاهره أن القسم لم يكن واجباً عليه وعورض بخبر هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك وأجيب بأن طوافه كان قبل وجوب القسم وأقول‏:‏ يحتاج إلى ثبوت هذه القيلة إذ هي ادّعائية وقضية تصرف المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند البخاري وهن إحدى عشرة هذا لفظه ولو ذكره لكان أولى وكأنه فرّ من الإشكال المشهور وهو أن ما وقع في البخاري فيه تأمل لأنه لم يجتمع عند النبي صلى اللّه عليه وسلم هذا العدد في آن واحد وقد أجيب بأن مراده الزوجات والسراري واسم النساء يشمل الكل‏.‏

- ‏(‏خ ن عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

7024 - ‏(‏كان يدير العمامة على رأسه‏)‏ وكان له عمامة تسمى السحاب كساها علياً ‏(‏ويغرزها من ورائه ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه‏)‏ هذا أصل في مشروعية العذبة وكونها بين الكتفين ورد على من كره ذلك ومن أنكره وجاء فيها أحاديث أخرى بعضها حسن وبعضها ضعيف ناصة على فعله لها لنفسه ولجماعة من صحبه وعلى أمره بها ولذا تعين حمل قول الشيخين له فعل العذبة وتركها ولا كراهة فيهما على أن مرادهما الجواز الشامل للندب وتركه لها أحباناً إنما يدل على جواز الترك وعدم تأكد الندب وقد استدلّ جمع بكون المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أرسلها بين الكتفين تارة وإلى الجانب الأيمن أخرى على أن كلاً سنة وهذا مصرح بأن أصلها سنة لأن السنة في إرسالها إذا أخذت من فعله فأصل سنتها أولى ثم إرسالها بين الكتفين أفضل منه على الأيمن لأن حديث الأول أصح وأما إرسال الصوفية لها عن الجانب الأيسر لكونه محل القلب فيتذكر تفريغه مما سوى ربه فاستحسان لا أصل له وقول صاحب القاموس لم يفارقها قط ردّ بأنه تركها أحباناً قال بعضهم‏:‏ وأقل ما ورد في طولها أربع أصابع وأكثر ما ورد ذراع وبينهما شبر وقول صاحب القاموس كانت طويلة ممنوع إلا أن يريد طولاً نسبياً ويحرم إفحاش طولها بقصد الخيلاء ويكره بدونه ولو خاف إرسالها نحو خيلاء لم يؤمر بتركها خلافاً لبعضهم بل يفعل ويجاهد نفسه لإزالته فإن عجز لم يضر لأنه قهري فلا يكلف به غايته أنه لا يسترسل مع نفسه وخوف إيهامه الناس صلاحاً أو عملاً خلى عنه لا يوجب تركها بل يفعلها ويعالج نفسه نعم إن قصد غير صالح التزين بها ونحوها لتوهم صلاحه فيعطى حرم كما ذكره الزركشي واعلم أنه لم يتحرر كما قاله بعض الحفاظ في طول عمامته وعرضها شيء وما وقع للطبراني في طولها أنه سبعة ‏[‏ص 214‏]‏ أذرع ولغيره نقلاً عن عائشة أنه سبعة في عرض ذراع وأنها كانت في السفر بيضاء وفي الحضر سوداء من صوف وقيل عكسه وأن عذبتها كانت في السفر من غيرها وفي الحضر منها فلا أصل له‏.‏

- ‏(‏طب هب عن ابن عمر‏)‏ قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني‏:‏ رجاله رجال الصحيح إلا عبد السلام وهو ثقة‏.‏

7025 - ‏(‏كان يذبح أضحيته بيده‏)‏ مسمياً مكبراً وربما وكل، ففيه ندب الذبح بيد المضحي إن قدر واتفقوا على جواز التوكيل للقادر لكن عند المالكية رواية بعدم الإجزاء وعند أكثرهم يكره قال القاضي‏:‏ والأضحية ما يذبح يوم النحر على وجه القربة وفيها أربع لغات أضحية بضم الهمزة وكسرها وجمعها أضاحي وضحية وجمعها ضحايا وأضحا وجمعها أضحى سميت بذلك إما لأن الوقت الذي تذبح فيه ضحى يوم العيد بعد صلاته واليوم يوم الأضحى لأنه وقت التضحية أو لأنها تذبح يوم الأضحى واليوم يسمى أضحى لأنه يتضحى فيه بالغداء فإن السنة أن لا يتغدى فيه حتى ترتفع الشمس ويصلي‏.‏

- ‏(‏حم عن أنس‏)‏ بن مالك رمز المصنف لصحته‏.‏

7026 - ‏(‏كان يذكر اللّه تعالى‏)‏ بقلبه ولسانه بالذكر الثابت عنه من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك ‏(‏على‏)‏ قال الولي العراقي‏:‏ هي ههنا بمعنى في وهو الظرفية كما في قوله تعالى ‏{‏ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها‏}‏ أي في حين غفلة ‏(‏كل أحيانه‏)‏ أي أوقاته متطهراً ومحدثاً وجنباً وقائماً وقاعداً ومضطجعاً وماشياً وراكباً وظاعناً ومقيماً فكأن ذكر اللّه يجري مع أنفاسه والحديث عام مخصوص بغير قاضي الحاجة لكراهة الذكر حالتئذ باللسان وبغير الجنب لخبر الترمذي وغيره كان لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة وبغير حالة الجماع وقضاء الحاجة فيكره هذا ما عليه الجمهور، وتمسك بعموم الحديث المشروح قوم منهم الطبري وابن المنذر وداود فجوزوا القراءة للجنب قالوا‏:‏ لكون الذكر أعم من كونه بقراءة أو بغيرها وإنما فرق بالعرف وحملوا حديث الترمذي على الأكمل جمعاً بين الأدلة وقال العارف ابن العربي‏:‏ كان يذكر اللّه على كل أحيانه لكن يكون الذكر في حال الجنابة مختصاً بالباطن الذي هو ذكر السر فهو في سائر حالاته محقق بالمقام وإنما وقع اللبس على من لا معرفة له بأحوال أهل الكمال فتفرقوا واختلفوا قال‏:‏ قالوا‏:‏ ولنا منه ميراث وافر فينبغي المحافظة على ذلك انتهى‏.‏ وأخرج أبو نعيم عن كعب الأحبار قال موسى‏:‏ يا رب أقريب أنت فأنأجيك أم بعيد فأنأديك قال‏:‏ أنا جليس من ذكرني قال‏:‏ يا رب فإنا نكون على حال نجلك ونعظمك أن نذكرك بالجنابة والغائط قال‏:‏ يا موسى اذكرني على كل حال أي بالقلب كما تقرر قال الأشرفي‏:‏ الذكر نوعان قلبي ولساني والأول أعلاهما وهو المراد في الحديث وفي قوله تعالى ‏{‏اذكروا اللّه ذكراً كثيراً‏)‏ وهو أن لا ينسى اللّه على كل حال وكان للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم حظ وافر من هذين النوعين إلا في حالة الجنابة ودخول الخلاء فإنه يقتصر فيهما على النوع الأعلى الذي لا أثر فيه للجنابة ولذلك كان إذا خرج من الخلاء يقول غفرانك انتهى‏.‏ وقال غيره‏:‏ لا ينافيه حديث كرهت أن أذكر اللّه إلا على طهر وتوضأ لرد السلام لكونه ذكر اللّه لأنه أخذ بالأفضل والأكمل‏.‏

- ‏(‏م د ت ه‏)‏ وأبو يعلى كلهم في الطهارة إلا الترمذي ففي الدعوات ‏(‏عن عائشة‏)‏ وعلقه البخاري في الصلاة وذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال‏:‏ صحيح‏.‏

7027 - ‏(‏كان يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار في الضوء‏)‏ لأنه تعالى لما رزقه الإطلاع الباطن والإحاطة بإدراك مدركات القلب جعل له مثل ذلك في مدركات العيون ومن ثم كان يرى المحسوس من وراء ظهره كما يراه من أمامه ‏[‏ص 215‏]‏ ذكره الحرالي فالحاصل أنه من قبيل الكشف له عن المرئيات وهو في معناه ما سبق أنه كان يبصر من ورائه‏.‏

- ‏(‏البيهقي في الدلائل‏)‏ أي في كتاب دلائل النبوة ‏(‏عن ابن عباس عد عن عائشة‏)‏ ضعفه ابن دحية في كتاب الآيات البينات وقال البيهقي‏:‏ ليس بقوي وقال ابن الجوزي‏:‏ في حديث عائشة لا يصح‏.‏ وفيه عبد اللّه بن محمد بن المغيرة فقال العقبلي‏:‏ يحدث بما لا أصل له وذكره في الميزان مع جملة أحاديث وقال‏:‏ هذه موضوعات ومع ذلك كله رمز المصنف لحسنه ولعله لاعتضاده‏.‏

7028 - ‏(‏كان يرى للعباس‏)‏ من الإجلال والإعظام ‏(‏ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه‏)‏ ويقول إنما عم الرجل صنو أبيه وأصل هذا أن عمر لما أراد أن يستسقي عام الرمادة خطب فقال‏:‏ أيها الناس إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده فاقتدوا برسول اله صلى اللّه عليه وسلم واتخذوا العباس وسيلة إلى اللّه فما برحوا حتى سقاهم اللّه وفيه ندب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته حقه‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الفضائل وكذا ابن حبان في صحيحه ‏(‏عن عمر‏)‏ بن الخطاب وقال‏:‏ صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه داود بن عطاء متروك قال‏:‏ لكن هو في جزء البانياسي وصح نحوه من حديث أنس فأما داود فمتروك‏.‏

7029 - ‏(‏كان يرخي الإزار‏)‏ أي إزاره ‏(‏من بين يديه ويرفعه من ورائه‏)‏ حال المشي لئلا يصيبه نحو قذر أو شوك‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في طبقاته ‏(‏عن يزيد بن أبي حبيب‏)‏ البصري بن أبي رجاء واسم أبيه سويد فقيه ثقة يرسل كثيراً ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

7030 - ‏(‏كان يردف خلفه‏)‏ من شاء من أهل بيته أو أصحابه تواضعاً منه وجبراً لهم وربما أردف خلفه وأركب أمامه فكانوا ثلاثة على دابة وأردف الرجال وأردف بعض نسائه وأردف أسامة من عرفة إلى مزدلفة والفضل بن العباس من مزدلفة إلى منى كما في البخاري وفيه جواز الإرداف لكن إن أطاقته الدابة ‏(‏ويضع طعامه‏)‏ عند الأكل ‏(‏على الأرض‏)‏ أي فلا يرفعه على خوان كما يفعله الملوك والعظماء ‏(‏ويجيب دعوة المملوك‏)‏ يعني المأذون له من سيده في الوليمة أو المراد العتيق باعتبار ما كان واستعمال مثل ذلك في كلامهم وقول المطرزي المراد بالدعوة النداء بالأذان بعيد مناف للسياق إذ هذا معدود في سياق تواضعه وليس في إجابة الأذان إذا كان المؤذن عبداً ما يحسن عدَّه من التواضع بل الحر فيه والعبد سواء ‏(‏ويركب الحمار‏)‏ هذا على طريق إرشاد العباد وبيان أن ركوب الحمار ممن له منصب لا يخلّ بمروءته ولا برفعته بل غايته التواضع وكسر النفس‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الأطعمة من حديث ابن عيينة عن مسلم الملائي ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح ورده الذهبي بقوله‏:‏ قلت مسلم ترك‏.‏

7031 - ‏(‏كان يركب الحمار عرياً ليس عليه شيء‏)‏ مما يشد على ظهره من نحو إكاف وبرذعة تواضعاً وهضماً لنفسه وتعليماً وارشاداً قال ابن القيم‏:‏ لكن كان أكثر مراكبه الخيل والإبل‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في طبقاته ‏(‏عن حمزة بن عبد اللّه بن عتبة مرسلاً‏)‏‏.‏

‏[‏ص 216‏]‏ 7032 - ‏(‏كان يركب الحمار ويخصف‏)‏ بكسر الصاد المهملة ‏(‏النعل ويرقع القميص‏)‏ من نوعه ومن غير نوعه ‏(‏ويلبس الصوف‏)‏ رداء وإزاراً وعمامة ‏(‏ويقول‏)‏ منكراً على من ترفع عن ذلك هذه سنتي و‏(‏من رغب عن سنتي‏)‏ أي طريقتي ‏(‏فليس مني‏)‏ أي من العاملين بطريقتي السالكين منهجي وهذه سنة الأنبياء قبله أيضاً، روى الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود كانت الأنبياء يستحبون أن يلبسوا الصوف ويحلبوا الغنم ويركبوا الحمر وقال عيسى عليه السلام‏:‏ بحق أقول إنه من طلب الفردوس فغذاء الشعير له والنوم على المزابل مع الكلاب كثير، وفيه ندب خدمة الرجل نفسه وأنه لا دناءة في ذلك‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أبي أيوب‏)‏ الأنصاري ورواه عنه أيضاً أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في كتاب الأخلاق قال الزين العراقي‏:‏ وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي ضعفوه وكذا شيخه المختار التميمي ضعيف‏.‏

7033 - ‏(‏كان يركع قبل الجمعة أربعاً‏)‏ من الركعات ‏(‏وبعدها أربعاً لا يفصل في شيء منهنّ‏)‏ بتسليم وفيه أن الجمعة كالظهر في الراتبة القبلية والبعدية وهو الأصح عند الشافعية‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عباس‏)‏ فيه أمور‏:‏ الأول أن الذي لابن ماجه إنما هو بدون لفظ وبعدها أربعاً وإنما هذه الزيادة للطبراني كما ذكره ابن حجر وغيره، الثاني سكت عليه فأوهم سلامته من العلل وليس كما أوهم فإن ابن ماجه رواه عن مبشر بن عبيد عن حجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن الحبر قال الزيلعي‏:‏ ومبشر معدود من الوضاعين وحجاج وعطية ضعيفان، اهـ‏.‏ وقال النووي في الخلاصة‏:‏ هذا حديث باطل اجتمع هؤلاء الأربعة فيه وهم ضعفاء وبشر وضاع صاحب أباطيل وقال الحافظ العراقي ثم ابن حجر‏:‏ سنده ضعيف جداً وقال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني بلفظ كان يركع قبل الجمعة أربعاً وبعدها أربعاً لا يفصل بينهن ورواه ابن ماجه باقتصار الأربع بعدها وفيه الحجاج بن أرطاة وعطية العوفي وكلاهما ضعيف إلى هنا كلامه، الثالث أنه قد أساء التصرف حيث عدل لهذا الطريق المعلول واقتصر عليه مع وروده من طريق مقبول فقد رواه الخلعي في فوائده من حديث عليٍّ كرم اللّه وجهه قال الحافظ الزين العراقي‏:‏ وإسناده جيد‏.‏

7034 - ‏(‏كان يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم‏)‏ فيه رد على منع الحسن التسليم على الصبيان ‏(‏ويمسح رؤوسهم‏)‏ أي كان له اعتناء بفعل ذلك معهم أكثر منه مع غيرهم وإلا فهو كان يفعل ذلك مع غيرهم أيضاً وكان يتعهد أصحابه جميعاً ويزورهم، قال ابن حجر‏:‏ هذا مشعر بوقوع ذلك منه غير مرة أي فالاستدلال به على مشروعية السلام على الصبيان أولى من استدلال البعض بحديث مرّ على صبيان فسلم عليهم فإنها واقعة حال قال ابن بطال‏:‏ وفي السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة وطرح الأكابر رداء الكبر وسلوك التواضع ولين الجانب، نعم لا يشرع السلام على الصبي الوضيء سيما إن راهق‏.‏

- ‏(‏ن عن أنس‏)‏ بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن النسائي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه بل خرجه الترمذي أيضاً عن أنس قال جدي رحمه اللّه في أماليه‏:‏ هذا حديث صحيح ورواه أيضاً ابن حبان في صحيحه اهـ‏.‏ فرمز المصنف لحسنه غير جيد بل كان الأولى الرمز لصحته‏.‏

7035 - ‏(‏كان يستاك بفضل وضوئه‏)‏ بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به قيل المراد به الغسل وقيل التنقية أي تنقية الفم وفي مصنف ابن أبي شيبة عن جرير البجلي الصحابي أنه كان يستاك ويأمرهم أن يتوضأوا بفضل سواكهم وعن ‏[‏ص 217‏]‏ إبراهيم النخعي أنه كان لا يرى بأساً بالوضوء منفضل السواك كذلك‏.‏

- ‏(‏ع عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه أيضاً الدارقطني قال ابن حجر‏:‏ وفيه يوسف بن خالد التيمي متروك وروي من طريق آخر عن الأعمش عن أنس وهو منقطع‏.‏

7036 - ‏(‏كان يستاك عرضاً‏)‏ أي في عرض الأسنان ظاهراً وباطناً في طول الفم زاد أبو نعيم في روايته ولا يستاك طولاً وعورض بذكر الطول في خبر آخر وجمع مغلطاي وغيره بأنه في اللسان والحلق طولاً وفي الأسنان عرضاً ‏(‏و‏)‏ كان ‏(‏يشرب مصاً‏)‏ أي من غير عب ‏(‏ويتنفس‏)‏ في أثناء الشرب ‏(‏ثلاثاً‏)‏ من المرات ‏(‏ويقول‏)‏ موجهاً ذلك ‏(‏هو‏)‏ أي التنفس ثلاثاً ‏(‏أهنأ وأمرأ‏)‏ بالهمز أفعل من مرأ الطعام أو الشراب في جسده إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيباً بلذة ونفع ‏(‏وأبرأ‏)‏ أشد براً لكونه يقمع الصفراء أي يقوي الهضم وأسلم لحرارة المعدة من أن يهجم عليها البارد دفعة فربما أطفأ الحار الغريزي بشدة برده أو أضعفه‏.‏

- ‏(‏البغوي وابن قانع‏)‏ في معجمها وكذا ابن عدي وابن منده والبيهقي ‏(‏طب وابن السني وأبو نعيم‏)‏ كلاهما ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي وفي الصحابة كلهم من حديث ثبيت بن كثير عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب ‏(‏عن بهز‏)‏ القشيري ويقال البهزي ذكره البغوي وغيره في الصحابة قال في الإصابة‏:‏ قال البغوي‏:‏ لاأعلم روى بهز إلاهذا وهو منكر وقال ابن منده‏:‏ رواه عباد بن يوسف عن ثبيت فقال عن القشيري بدل بهز ورواه مجنس عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده فقيل إن ابن المسيب إنما سمعه من بهز بن حكيم فأرسله الراوي عنه فظنه بعضهم صحابياً لكن قضية كلام ابن منده أن ابن المسيب سمعه من معاوية جد بهز بن حكيم فقال مرة عن جد بهز فسقط لفظ جد من الراوي قال أعني ابن حجر‏:‏ وبالجملة هو كما قال ابن عبد البر إسناده مضطرب ليس بالقائم اهـ‏.‏ قال شيخه الزين العراقي‏:‏ لا يحتج بمثله قال الهيثمي‏:‏ وفيه ثبيت بن كثير ضعيف وقال ابن العراقي بعد ما عزاه لأبي نعيم‏:‏ إسناده ضعيف وقال السخاوي‏:‏ ذكر أبو نعيم ما يدل على أن بهز هذا هو ابن حكيم بن معاوية القشيري وعليه هو منقطع وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر وثبيت هذا قال في الميزان‏:‏ قال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج بخبره ثم ساق له هذا الخبر ‏(‏هق‏)‏ وكذا العقيلي من رواية علي بن ربيعة القرشي عن بهز هذا عن ابن المسيب ‏(‏عن ربيعة بن أكثم‏)‏ بن أبى الجوزن الخزاعي قال في الإصابة‏:‏ إسناده إلى ابن المسيب ضعيف وقال ابن السكن‏:‏ لم يثبت حديثه اهـ‏.‏ قال السخاوي‏:‏ وسنده ضعيف جداً بل قال ابن عبد البر ربيعة قتل بخيبر فلم يدركه سعيد وقال في التمهيد‏:‏ لا يصحان من جهة الإسناد وقال الحافظ العراقي‏:‏ الكل ضعيف‏.‏

7037 - ‏(‏كان يستحب إذا أفطر‏)‏ من صومه ‏(‏أن يفطر على لبن‏)‏ هذا محمول على ما إذا فقد الرطب أو التمر أو الحلو أو على أنه جمع مع التمر غيره كاللبن جمعاً بين الأخبار‏.‏

- ‏(‏قط عن أنس‏)‏ بن مالك رمز المصنف لحسنه‏.‏

7038 - ‏(‏كان يستجمر بألوة غبر مطرّاة‏)‏ الألوة العود الذي يتبخر به وتفتح همزته وتضم والمطراة التي يعمل عليها ألوان الطيب كعنبر ومسك وكافور ‏(‏وبكافور يطرحه مع الألوة‏)‏ ويخلطه به ثم يتبخر به‏.‏

- ‏(‏م عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

7039 - ‏(‏كان يستحب الجوامع‏)‏ لفظ رواية الحاكم كان يعجبه الجوامع ‏(‏من الدعاء‏)‏ وهو ما جمع مع الوجازة خير الدنيا والآخرة نحو ‏(‏ربنا آتنا في الدنيا حسنة‏)‏ الآية أو هو ما يجمع الأغراض الصالحة والمقاصد الصحيحة أو ما يجمع الثناء على اللّه وآداب المسألة والفضل للمتقدم ‏(‏ويدع‏)‏ أن يترك ‏(‏ما سوى ذلك‏)‏ من الأدعية إشارة إلى معنى ما يراد به من ‏[‏ص 218‏]‏ الجوامع فيختلف معنى السوى بحسب اختلاف تفسير الجوامع فعلى الأول ينزل ذلك على غالب الأحوال لا كلها فقد قال المنذري‏:‏ كان يجمع في الدعاء تارة ويفصل أخرى‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الصلاة ‏(‏ك‏)‏ في الدعاء ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وسكت عليه أبو داود وقال النووي في الأذكار والرياض‏:‏ إسناده جيد‏.‏

7040 - ‏(‏كان يستحب أن يسافر يوم الخميس‏)‏ لما مر تقريره قال ابن حجر‏:‏ محبته لذلك لا تستلزم المواظبة عليه لقيام مانع منه وقد خرج في بعض أسفاره في يوم السبت‏.‏

- ‏(‏طب عن أم سلمة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وهو زلل فقد أعله الهيثمي وغيره‏:‏ بأن فيه خالد بن إياس وهو متروك‏.‏

7041 - ‏(‏كان يستحب أن تكون له فروة مدبوغة يصلي عليها‏)‏ بين به أن الصلاة على الفروة لا تكره وأن ذلك لا ينافي كمال الزهد وأنه ليس من الورع الصلاة على الأرض قال في المصباح‏:‏ الفروة التي تلبس قيل بإثبات الهاء وقيل بحذفها‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في طبقاته ‏(‏عن المغيرة‏)‏ بن شعبة وفيه يونس بن يونس بن الحارث الطائفي قال في الميزان‏:‏ له مناكير هذا منها‏.‏

7042 - ‏(‏كان يستحب الصلاة في الحيطان‏)‏ قال أبو داود‏:‏ بمعنى البساتين وفي النهاية الحائط البستان من النخل إذا كان عليه حائط وهو الجدار قال الحافظ العراقي‏:‏ واستحبابه الصلاة فيها إما لقصد الخلوة عن الناس فيها أو لحلول البركة في ثمارها ببركة الصلاة فإنها تجلب الرزق بشهادة ‏{‏وأمر أهلك بالصلاة‏}‏ الآية أو إكراماً للمزور بالصلاة في مكانه أو لأن ذلك تحية كل منزلة نزلها سفراً أو حضراً وفيه الصلاة في البستان وإن كان المصلى فيها ربما اشتغل عن الصلاة بالنظر إلى الثمر والزهر وإن ذلك لا يؤدي إلى كراهة الصلاة فيها قال الحافظ العراقي‏:‏ والظاهر أن المراد بالصلاة التي يستحبها فيها النفل لا الفرض بدليل الأخبار الواردة في فضل فعله بالمسجد والحث عليه ويحتمل أن المراد الصلاة إذا حضرت ولو فرضاً وفيه أن فرض من بعد عن الكعبة إصابة الجهة لا العين لأن الحيطان ليست كالمسجد في نصب المحراب‏.‏

- ‏(‏ت عن معاذ‏)‏ بن جبل ثم قال الترمذي‏:‏ حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن جعفر وقد ضعفه يحيى وغيره اهـ‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ وإنما ضعف من جهة حفظه دون أن يتهم بالكذب وقال الفلاس‏:‏ صدوق منكر الحديث وكان يحيى لا يحدث عنه وقال ابن حبان‏:‏ كان من المعتقدين المجابين الدعوة لكن ممن غفل عن صناعة الحديث فلا يحتج به وقال البخاري‏:‏ منكر الحديث وضعفه أحمد والمديني والنسائي‏.‏

7043 - ‏(‏كان يستعذب له الماء‏)‏ أي يطلب له الماء العذب ويحضر إليه لكون أكثر مياه المدينة مالح وهو كان يحب الماء الحلو البارد ‏(‏من بيوت السقيا‏)‏ بضم المهملة وسكون القاف مقصورة عين بينها وبين المدينة يومان وقيل قرية جامعة بين مكة والمدينة قال المصنف تبعاً لغيره‏:‏ ‏(‏وفي لفظ‏)‏ أي للحاكم وغيره ‏(‏يستقى له الماء العذب من بئر السقيا‏)‏ بضم السين المهملة وسكون القاف فمثناة تحت مقصور لأن الشراب كلما كان أحلى وأبرد كان أنفع للبدن وينعش الروح والقوى والكبد وينفذ الطعام إلى الأعضاء أتم تنقيذ سيما إذا كان بائتاً فإن الماء البائت بمنزلة العجين الخمير والذي يشر لوقته كالفطير‏.‏

جاء في حديث رواه الطبراني وابن منده أن هذا البئر استنبعها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولفظه عن جريج بن سدرة بن علي السلمي عن أبيه عن جده خرجنا مع رسول اللّه ‏[‏ص 219‏]‏ صلى اللّه عليه وسلم حتى نزلنا القاع فنزل في صدر الوادي فبحث بيده في البطحاء فنديت ففحص فانبعث الماء فسقى وسقى كل من كان معه فقال‏:‏ هذه سقيا سقاكم اللّه فسميت السقيا‏.‏

- ‏(‏حم د ك‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرط مسلم وأقره الذهبي وبه ختم أبو داود كتاب الأشربة ساكتاً عليه‏.‏

7044 - ‏(‏كان يستعط بالسمسم‏)‏ أي بدهنه ‏(‏ويغسل رأسه بالسدر‏)‏ بكسر فسكون ورق شجر النبق المطحون قال الحجة في التفسير‏:‏ والسدر نوعان أحدهما ينبت في الأرياف فينتفع بورقه بالغسل وثمرته طيبة والآخر ينبت في البر ولا ينتفع بورقه في الغسل وثمرته عفصه‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في طبقاته ‏(‏عن أبي جعفر‏)‏ الهاشمي ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

7045 - ‏(‏كان يستغفر‏)‏ اللّه تعالى ‏(‏للصف المقدم‏)‏ أي يطلب من الغفر أي الستر لذنوب أهل الصف الأول في الصلاة وهو الذي يلي الإمام ويكرره ‏(‏ثلاثاً‏)‏ من المرات اعتناء بشأنهم ‏(‏وللثاني مرة‏)‏ أي ويستغفر للصف الثاني مرة واحدة إشارة إلى أنهم دون الأول في الفضل وسكت عما دون ذلك من الصفوف فكأنه كان لا يخصهم بالاستغفار تأديباً لهم على تقصيرهم وتهاونهم في حيازة فضل ذينك الصفين‏.‏

- ‏(‏حم ه ك‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن عرباض‏)‏ بن سارية قال الحاكم‏:‏ صحيح على الوجوه كلها ولم يخرجها للعرباض‏.‏

7046 - ‏(‏كان يستفتح‏)‏ أي يفتتح ‏(‏دعاءه سبحان ربي العليّ الأعلى الوهاب‏)‏ أي يبتدئه به ويجعله فاتحته قال حجة الإسلام‏:‏ فيندب أن يفتتح الدعاء بذكر اللّه ولا يبدأ بالسؤال وبما هو اللائق من ذكر المواهب والمكارم أولى وقال القاضي‏:‏ كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يستفتح دعاءه بالثناء على اللّه وإذا أراد أن يدعو يصلي ثم يدعو فأشار بذلك إلى أن من شرط السائل أن يتقرب إلى المسؤول منه قبل طلب الحاجة بما يوجب له الزلفى لديه ويتوسل بشفيع له بين يديه ليكون أطمع في الإسعاف وأحق بالإجابة فمن عرض السؤال قبل تقديم الوسيلة فقد استعجل‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا الطبراني ‏(‏ك‏)‏ في كتاب الدعاء والذكر من حديث عمر بن راشد عن إياس بن سلمة ‏(‏عن‏)‏ أبيه ‏(‏سلمة بن الأكوع‏)‏ المسلمي ولفظ سلمة ما سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى فغيره المصنف إلى ما ترى قال الحاكم‏:‏ صحيح ورده الذهبي بأن عمر ضعيف وقال الهيثمي‏:‏ في رواية أحمد عمر بن راشد اليمامي وثقه غير واحد وضعفه آخرون وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

7047 - ‏(‏كان يستفتح‏)‏ أي يفتتح القتال من قوله تعالى ‏{‏إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح‏}‏ ذكره الزمخشري ‏(‏ويستنصر‏)‏ أي بطلب النصرة ‏(‏بصعاليك المسلمين‏)‏ أي بدعاء فقرائهم الذين لا مال لهم ولاجاه تيمناً بهم ولأنهم لانكسار خواطرهم يكون دعاؤهم أقرب للإجابة والصعلوك من لا مال له ولا اعتمال وقد صعلكته إذا أذهبت ماله ومنه تصعلكت الإبل إذا ذهبت أوبارها وكما التقى الفتح والنصر في معنى الظفر التقيا في معنى المطر فقالوا‏:‏ قد فتح اللّه علينا فتوحاً كثيرة إذا تتابعت الأمطار وأرض بني فلان منصورة أي مغشية ذكره كله الزمخشري‏.‏

- ‏(‏ش طب عن أمية بن‏)‏ خالد بن ‏(‏عبد اللّه‏)‏ بن أسد الأموي يرفعه رمز لحسنه قال المنذري‏:‏ رواته رواه الصحيح وهو مرسل اهـ‏.‏ وقال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني بإسنادين أحدهما رجال الصحيح اهـ‏.‏ لكن الحديث مرسل ورواه عنه أيضاً البغوي في شرح السنة وقال ابن عبد البر‏:‏ لا يصح عندي والحديث مرسل اهـ‏.‏ وأمية لم يخرج له أحد من الستة وفي تاريخ ابن عساكر أن أمية هذا تابعي ثقة ولاه عبد الملك خراسان قال الذهبي في مختصره‏:‏ والحديث مرسل وقال ابن حبان‏:‏ أمية هذا يروي ‏[‏ص 220‏]‏ المراسيل ومن زعم أن له صحبة فقد وهم وقال في الاستيعاب‏:‏ لا يصح عندي صحبته وفي أسد الغابة‏:‏ الصحيح لا صحبة له والحديث مرسل وفي الإصابة ليس له صحبة ولا رؤية‏.‏

7048 - ‏(‏كان يستمطر في أول مطرة‏)‏ يعني أول مطر السنة ‏(‏ينزع ثيابه كلها‏)‏ ليصيب المطر جسده الشريف ‏(‏إلا الإزار‏)‏ أي الساتر للسرة وتحتها إلى أنصاف الساقين‏.‏

- ‏(‏حل عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

7049 - ‏(‏كان يسجد‏)‏ في صلاته ‏(‏على مسح‏)‏ بكسر فسكون قال في المصباح‏:‏ المسح اليلاس والجمع مسوح كحمل وحمول‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏‏.‏

7050 - ‏(‏كان يسلت المني من ثوبه‏)‏ أي يميطه منه قال الزمخشري‏:‏ سلت مسح وأصل السلت القطع والقشر وسلت القصعة لحسها وسلتت المرأة خضابها أزالته اهـ‏.‏ ‏(‏بعرق الإدخر‏)‏ إزالة لقباحة منظره واستحياء مما يدل عليه من حالته ‏(‏ثم يصلي فيه‏)‏ من غير غسل ‏(‏وينحته من ثوبه‏)‏ حال كونه ‏(‏يابساً ثم يصلي فيه‏)‏ من غير غسل فاستفدنا أن المني طاهر وهو مذهب الشافعية والإذخر بكسر الهمزة حشيشة طيبة الريح يسقف بها فوق الخشب وهمزته زائدة‏.‏

- ‏(‏حم عن عائشة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات اهـ ومن ثم رمز المصنف لصحته‏.‏

7051 - ‏(‏كان يسمي الأنثى من الخيل فرساً‏)‏ لما كان أفصح العرب جرى على تسميتهم الأنثى فرساً بغير هاء ولا يقول فرسة لأنه لم يسمع من كلامهم قال الحرالي‏:‏ وفيه إشعار بأن من اتخذ شيئاً حقه أن يجعل له اسماً ولهذا ورد أن السقط إذا لم يسم يطالب بحقه فيقول يا رب أضاعوني‏.‏

- ‏(‏د ك‏)‏ في الجهاد ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي‏.‏

7052 - ‏(‏كان يسمي التمر واللبن الأطيبين‏)‏ لأنهما أطيب ما يؤكل‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الأطعمة من حديث طلحة بن زيد عن هشام عن أبيه ‏(‏عن عائشة‏)‏ وقال‏:‏ صحيح ورده الذهبي بأن طلحة ضعيف‏.‏

7053 - ‏(‏كان يشتد عليه أن يوجد‏)‏ أي يظهر ‏(‏منه الريح‏)‏ المراد هنا ريح بغير النكهة لا الريح الخارج من الدبر كما وهم بدليل خبر البخاري وغيره أنه شرب عسلاً عند زينب ومكث عندها فتواطأت عائشة وحفصة فقالتا إنا نجد منك ريح مغافير قال‏:‏ لا ولكني كنت أشرب عسلاً عند زينب فلن أعود له فلا تخبرن أحداً قال‏:‏ وكان يشتد أي يوجد منه الريح هذا لفظه وهي مبينة للمراد‏.‏

- ‏(‏د عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وظاهره أنه صحيح وأن الشيخين لم يخرجاه ولا أحدهما وإلا لما عدل عنه وهو ذهول بل هو في الصحيحين بهذا اللفظ لكنهما ساقا القصة المشار إليها بكمالها‏.‏

7054 - ‏(‏كان يشد صلبه بالحجر من الغرث‏)‏ بغين معجمة وراء مفتوحة فمثلثة‏:‏ الجوع‏.‏

- ‏(‏ابن سعيد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

‏[‏ص 221‏]‏ 7055 - ‏(‏كان يشرب ثلاثة أنفاس يسمي اللّه في أوله ويحمد اللّه في آخره‏)‏ أي يسميه في ابتداء الثلاث ويحمده في انتهائها ويحتمل أن المراد يسمي في أول كل شربة وآخرها ويؤيده في أوسط الطبراني قال ابن حجر‏:‏ حسن عن أبي هريرة أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يشرب في ثلاثة أنفاس إذا أدنى الإناء إلى فيه سمى اللّه وإذا أخره حمد اللّه يفعل ذلك ثلاثاً وأصله في ابن ماجه قال ابن القيم‏:‏ للتسمية في الأول والحمد في الآخر تأثير عجيب في نفع الطعام والشراب ودفع مضرته قال الإمام أحمد‏:‏ إذا جمع الطعام أربعاً فقد كمل إذا ذكر اللّه في أوله وحمده في آخره وكثرة الأيدي عليه وكان من حل وقال الزين العراقي‏:‏ هذا الخبر لا يعارضه خبر أبي الشيخ عن زيد بن الأرقم بسند ضعيف أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان شربه بنفس واحد في خبر الحاكم عن أبي قتادة وصححه إذا شرب أحدكم فليشرب بنفس واحد لحمل هذين الحدثين على ترك النفس في الإناء‏.‏

- ‏(‏ابن السني عن‏)‏ أبي معاوية ‏(‏نوفل بن معاوية‏)‏ الديلي بكسر الدال وسكون التحتية صحابي شهد الفتح ومات بالمدينة زمن يزيد وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرج في أحد الكتب المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه الطبراني باللفظ المزبور عن نوفل المذكور ورواه الطبراني أيضاً في الأوسط والكبير بلفظ كان يشرب في ثلاثة أنفاس إذا أدنى الإناء ألى فيه سمى اللّه وإذا أخره حمد اللّه يفعل ذلك ثلاث مرات قال الهيثمي‏:‏ فيه عتيق بن يعقوب لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

7056 - ‏(‏كان يشير في الصلاة‏)‏ أي يومىء باليد أو الرأس يعني يأمر وينهى ويرد السلام وذلك فعل قليل لا يضر ذكره ابن الأثير، أو المراد يشير بأصبعه فيها عند الدعاء كما صرحت به رواية أبي داود من حديث ابن الزبير ولفظه كان يشير بأصبعه إذا دعا ولا يحركها ولا يجاوز بصره إشارته قال النووي‏:‏ سنده صحيح قال المظهري‏:‏ اختلف في تحريك الأصبع إذا رفعها للإشارة والأصح أنه يضعها بغير تحريك ولا ينظر إلى السماء حين الإشارة إلى التوحيد بل ينظر إلى أصبعه ولا يجاوز بصره عنها لئلا يتوهم أنه تعالى في السماء ـ تعالى عن ذلك‏.‏

- ‏(‏حم د عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه النسائي وابن ماجه أيضاً رمز لحسنه، واعلم أن هذا الحديث رواه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر ورواه أبو داود عن أحمد بن محمد بن شبوية ومحمد بن رافع عن عبد الرزاق ورواه أبو يعلى عن يحيى بن معين عن عبد الرزاق قال أبو حاتم الرازي‏:‏ اختصر عبد الرزاق هذه الكلمة من حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه ضعف فقدم أبو بكر فصلى بالناس وقال‏:‏ أخطأ عبد الرزاق في اختصاره هذه الكلمة وأدخله في باب من كان يشير بأصبعه في الصلاة فأوهم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إنما أشار بيده في التشهد وليس كذلك‏.‏

7057 - ‏(‏كان يصافح النساء‏)‏ أي في بيعة الرضوان كما هو مصرح به هكذا في هذا الخبر عند الطبراني وما أدري لأي شيء حذفه المصنف ‏(‏من تحت الثوب‏)‏ قيل هذا مخصوص به لعصمته فغيره لا يجوز له مصافحة الأجنبية لعدم أمن الفتنة‏.‏

- ‏(‏طس عن معقل بن يسار‏)‏‏.‏

7058 - ‏(‏كان يصغي للهرة الإناء فتشرب‏)‏ أي يميله لها لتشرب منه بسهولة ولفظ رواية الدارقطني وغيره كان يمر به الهرة فبصغي لها الإناء فتشرب منه، ويصغي بالغين المعجمة والصغو بالغين الميل يقال صغت الشمس للغروب مالت وصغيت الغناء وأصغيته أملته ‏(‏ثم يتوضأ بفضلها‏)‏ أي بما فضل من شربها وفيه طهارة الهرة وسؤرها وبه قال عامة العلماء إلا أن ‏[‏ص 222‏]‏ أبا حنيفة كره الوضوء بفضل سؤرها وخالفه أصحابه وصحة بيعه وحل اقتنائه مع ما يقع منه من تلويث وإفساد وأنه ينبغي للعالم فعل الأمر المباح إذا تقرر عند بعض الناس كراهته ليبين جوازه وندب سقي الماء والإحسان إلى خلق اللّه وأن في كل كبد حراء أجر‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ عن عائشة قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون ‏(‏حل عن عائشة‏)‏ وهو عنده من حديث محمد بن المبارك الصوري عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن داود بن صالح عن أمه عن عائشة اهـ‏.‏ ورواه عنها الحاكم وصححه والدارقطني وحسنه لكن قال ابن حجر‏:‏ ضعيف وقال ابن جماعة‏:‏ ضعيف لكن له طرق تقويه‏.‏

7059 - ‏(‏كان يصلي في نعليه‏)‏ أي عليهما أو بهما لتعذر الظرفية إن جعلت في متعلقة بيصلي فإن علقت بمحذوف صحت الظرفية بأن يقال كان يصلي والأرجل في النعال أي مستقرة فيها ومحله لا خبث فيهما غير معفو عنه قال ابن تيمية‏:‏ وفيه أن الصلاة فيهما سنة وكذا كل ملبوس للرجل كحذاء وزربول فصلاة الفرض والنفل الجنازة حضراً وسفراً قاصداً فيهما سنة وسواء كان يمشي بها في الأزقة أولاً فإن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وصحبه كانوا يمشون في طرقات المدينة بها ويصلون فيها بل كانوا يخرجون بها إلى الحش حيث يقضون الحاجة وقال ابن القيم‏:‏ قيل للإمام أحمد أيصلي الرجل في نعليه قال‏:‏ أي واللّه وترى أهل الوسواس إذا صلى أحدهم صلاة الجنازة في نعليه قام على عقبهما كأنه واقف على الجمر اهـ‏.‏ وقال ابن بطال‏:‏ هو محمول على ما إذا لم يكن فيه نجاسة ثم هي من الرخص كما قال ابن دقيق العيد‏:‏ لا من المستحبات لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة وهو وإن كان من ملابس الزينة لكن ملامسة الأرض الذي تكثر فيها النجاسات قد تقصر به عن هذه المرتبة وإذا تعارضت مراعاة التحسين ومراعاة إزالة النجاسة قدمت الثانية لأنها من باب دفع المفاسد والأخرى من جلب المصالح إلا أن يرد دليل بإلحاقه بما يتجمل به فيرجع إليه‏.‏

- ‏(‏حم ق ت عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏